مقالة فلسفية: هل مصدر الأخلاق المجتمع أم العقل ؟

السؤال : هل مصدر الأخلاق المجتمع أم العقل ؟

المقدمـــة:
مما لاشك فيه أن الأخلاق من العلوم المعيارية التي ظلت محل بحث واهتمام الفلاسفة ولم تقف عند نهاية محددة فكان الخلاف واضحا في محاولة تأسيس المعايير الأخلاقية فكان أنصار الدين واللذة والمنفعة إلى جانب أصاب الضمير الجمعي والعقلي بحيث يرى الاجتماعيون أن الأخلاق اجتماعية حال من أحوال الوجدان الجمعي وهذا الأمر يرفضه أنصار العقل الذين يرون بالواجب الأخلاقي ومن هنا نقف عند الوضعية المشكلة التالية .. هل حقيقة الأخلاق حال من أحوال الوجدان الجمعي أم ي أنها تتعدى إلى العقل ؟
محاولة حل المشكلة
الوقف الأول : …. الأخلاق حال من أحوال الوجدان الجمعي
يرى أنصار الأطروحة وهم أصحاب النظرية الاجتماعية أن الأخلاق نابعة من الوسط الذي يعيش فيه الفرد ويتفاعل معه ضمن مختلف الأنماط السلوكية التي يركز عليها الضمير الجمعي
البرهنة يؤكد انصار الاطروحة ان الاخلاق ظاهرة اجتماعية لان الفرد ليس مؤهلا لصنع القيم الخلقية لانها ناشئة من الوجود الاجتماعي أي منبثقة من الضمير الجمعي وهو عبارة عن عادات وتقاليد يساهم الافراد في صنعها وهذا ما يؤكد عليه الفيلسوف الفرنسي دوركايم فالاخلاق تنظيم اجتماعي فما يصح في المجتمع لايصح في مجتمع اخر حينما يتكلم ضميرنا في المجتمع هو الذي يتكلم فينا أي مفهوم الخير و الشر يتلقاه الانسان من مجتمعه فبر الوالدين عند المسلمين يعني التفاني في خدمتهما اما سكان القطب الشمالي المتجمد المسرعون في تسليم ابائهم الى الدببة حتى تفترسهم ضانا انه يعجل بدخولهم الجنة هذا الامر ما يبين الاختلاف الاخلاقي في المعتقدات من مجتمع الى اخر .
هذا مايوافقه الفيلسوف ليفي برول قائلا النقطة الرئيسية هي ان الحقيقة الخلقية يجب ان تدرج منذ الان فصاعدا في الطبيعة الاجتماعية للافراد .معنى ذلك ان الاخلاق لاتدخل في مكونات الطبيعة انما هي ظاهرة ثقافية شكلها عبر سنين التجربة الاجتماعية .
النقــد : إن هذا التصور يعكس مفهوما للضمير الجمعي الا ان الواقع يعكس حقيقة اخرى للاخلاق فليس كل فرد مندمج في المجتمع .
الموقف الثاني :

يرى أنصار الأطروحة ان العقل هو الملكة الخالدة لاتؤثر فيها احوال لاالزمان ولا المكان فبواسطته نميز بين الإحكام الفاسدة و الصحيحة أي بين الخير و الشر .
البرهنة
يؤكد أنصار الأطروحة على فكرتهم لان العقل هو قانون الأخلاق وخارجه لايوجد أي قانون هذا مايراه ايمانويل كانط الفيلسوف الألماني الذي يرى بالواجب الأخلاقي الذي له مميزات منها انه إلزامي و ليس إرغاما فهذا لاينفي الحرية لان العقل يمليه على الإرادة كذلك مطلق أي انه غاية بذاته وليس كوسيلة فهو بعيد عن الهدف كما ان كل بمعنى انه موجه إلى جميع الناس في الزمان والمكان و يطلق كانط اسم الأوامر الأخلاقية للتعبير عن الأخلاق حتى تكون الإرادة طيبة على شكل تعميم أي يكون في استطاعتنا أن نجعل من أفعالنا قاعدة تنطلق منها سلوكات الأفراد كالشفقة التي تفرضها علينا الأخلاق اتجاه غيرنا و مساعدتهم و لكننا لانستطيع ان نريد ذلك عندما نكون نحن أنفسنا نحتاج إلى المساعدة لهذا فالشفقة مبدأ أخلاقي يكون واجبا و عند تعميمه يصبح قاعدة فيها غاية لا وسيلة و الذي لايريد مساعدة الآخرين لايتعامل بشكل إنساني وصولا إلى قاعدة الحرية أي تأليف بين التعميم و الغائية و هكذا تكون الأخلاق صادرة من قانون كلي و إملاء للعقل وحده .
النقـــد :

إن كانط قد حدد أن أخلاق العقل عاجزة عن تأسيس معاني الخير و الشر و قد تكون أخلاق العقل ميتافيزيقية و هي أخلاق غامضة
التركيب :
بعد عرض الأطروحتين يتبين أن الأخلاق حال من أحوال الوجدان الجمعي نابعة من الوجدان الجمعي إلى جانب العقل و هو الملكة التي لا تؤثر فيها لا الزمان ولا المكان و منه فالأخلاق ظاهرة اجتماعية و عقلية ففي ذلك تفاعل بين الاندماج في الوسط
الخاتمة يمكن القول في الختام بعد عرض الأطروحتين و التوفيق بينهما ان الأخلاق لانتعامل معها بشكل بسيط بل بتدخل جميع الاسس الاخرى التي تقدم دورا مهما فيها